سبع توجهات يشهدها القطاع الرقمي في منطقة الخليج العربي
سبع توجهات رئيسية في القطاع الرقمي يجب على جميع الأعمال والهيئات في منطقة الخليج العربي إيلاءها اهتماما خاصاً، لا سيّما مع التغير السريع الذي يشهده القطاع مع ظهور مفاهيم التعلم الآلي والمدن الذكية والخدمات القائمة على الحوسبة السحابية، وفي ضوء الحاجة المتزايدة إلى حلول موسعة ومرنة تستند إلى البيانات، وذلك وفق أحدث تقارير أوليفر وايمان، شركة الاستشارات الإدارية الرائدة عالمياً، وتتمثل التوجهات التي يعرضها تقرير الاتجاهات الرقمية الرئيسية الأحدث لأوليفر وايمان بما يلي:
- توجه القطاع العام إلى اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل متزايد:
توجهت الاستثمارات الأخيرة في منطقة الخليج العربي بشكل واضح نحو تقنيات الذكاء الاصطناعي لتمكين الحكومة الذكية، لذا لا بد من اتباع نهج مرن في تحسين ونشر أدوات الذكاء الاصطناعي لمواكبة التطور السريع الذي تشهده تقنيات الذكاء الاصطناعي لمواكبة الشركات الرائدة في القطاع الخاص. وأثار إطلاق شركة أوبن إيه آي منصة تشات جي بي تي، وهي أداة ذكاء اصطناعي توليدي عميق التعلم تستطيع إجراء تفاعلات متطورة بشكل مذهل مع المستخدمين، تساؤلات حول كيفية الاستفادة من هذه التقنيات لتصميم حلول أكثر ديناميكية وفي الوقت المناسب لاستفسارات المواطنين الصعبة.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال جاد حدّاد، الشريك في أوليفر وايمان، رئيس قسم القطاع الرقمي في منطقة الهند والشرق الأوسط وأفريقيا: “تمتلك تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي القدرة على إحداث تحول في القطاع العام بشكل جذري، حيث يمكنها أن تلعب دوراً داعماً للحكومات الإلكترونية، من خلال مساعدة السكان على حل المشكلات الصعبة، والتواصل مع الموظفين الحكوميين، والوصول إلى محتوى مخصص إلى حد كبير”.
- الدور الكبير للتطبيقات الفائقة في مجموعة أدوات الحكومة الذكية لخدمة المواطن:
شهدت المنطقة مؤخراً زيادة في الاعتماد على التطبيقات الفائقة، وهي منصات متكاملة تلبي جميع احتياجات المستخدمين، على سبيل المثال يمكن من خلال كريم، الذي تم إطلاقه في دبي، طلب المأكولات وحجز الرحلات وتحويل الأموال في تطبيق واحد متكامل. ويتوجه القطاع العام في دول الخليج العربي لاعتماد هذه المنهجية، مع ظهور العديد من التطبيقات الفائقة الخاصة بالحكومات الإلكترونية في المنطقة. حيث توفر مزايا كبيرة للقطاع العام بصورة خاصة، ويمكنها تعزيز نطاق وصول خدمات الحكومة الإلكترونية لتشمل شريحة أوسع من المستخدمين النهائيين من المواطنين، وذلك من خلال دمج مختلف الخدمات ضمن علامة واحدة موثوقة، كما تمكن التطبيقات الفائقة المؤسسات الحكومية من تحقيق مستويات غير مسبوقة من الكفاءة من خلال الاستفادة من الخصائص الوظيفية العالمية.
وبدوره قال جان سلامات، الشريك في أوليفر وايمان، من قسم القطاع الرقمي في أوليفر وايمان في منطقة الهند والشرق الأوسط وأفريقيا: “تحظى التطبيقات الفائقة باهتمام كبير من القطاع العام لاختبار ونشر خدمات رقمية جديدة. ويعزز ظهور التقنيات الناشئة، بما في ذلك التقنيات المصرفية المفتوحة وتقنية البلوك تشين، إحداث تحول كبير في وظائفها في السنوات القادمة”.
- أهمية إنترنت الأشياء في تعزيز أداء قطاع الفعاليات الضخمة في المنطقة:
تشير توقعات أوليفر وايمان إلى أنه سيتم إجراء أكثر من مليار عملية اتصال بإنترنت الأشياء في منطقة الخليج العربي بحلول 2030. كما تشير إلى أن هذه التقنية ستغير كيفية تفاعل الأفراد على الصعيد الحياتي، بدءاً من المدن الذكية ووصولاً إلى نظام الرعاية الصحية المتصلة. ويشكل قطاع الفعاليات الضخمة التي تعتمد على التكنولوجيا أحد القطاعات التي تشهد تغيرات كبيرة في دول مجلس التعاون الخليجي نتيجة للتطور الحاصل. ويتضمن قطاع الفعاليات الضخمة مجموعة من التقنيات المختلفة التي تتكامل فيما بينها لتوفر بيئة تفاعلية مميزة للجمهور، وتقديم تجربة آمنة وفعالة وشخصية للجميع، بما في ذلك أجهزة الاستشعار اللاسلكية وطائرات الدرون، وتقنيات تحديد ترددات الراديو، والذكاء الاصطناعي، والبرمجيات التحليلية، وغيرها الكثير.
ومن جانبه، قال أحمد مرتضى، الشريك في أوليفر وايمان، في قسم الاتصال والقطاع الرقمي والإعلام والتكنولوجيا: “يجب على الجهات الفاعلة في القطاع الخاص في منطقة الخليج العربي أن تشارك بفعالية في تطوير البنية التحتية لإنترنت الأشياء، فيما يتوجب على القطاع العام وضع أطر تنظيمية فعالة وتنافسية، حيث يمكن لذلك أن يغير واقع الفعاليات والمدن الذكية في منطقة الخليج العربي بشكل كبير”.
- تعزيز البنية التحتية السحابية القوية في دول مجلس التعاون الخليجي
بدأت المنطقة باستقطاب شركات خدمات الحوسبة السحابية فائقة السعة، وهي شركات مزودة لخدمات الحوسبة السحابية للمؤسسات الكبيرة التي سيطرت تاريخياً على ما يصل إلى 80% من السوق العالمية. حيث أطلقت أمازون ويب سيرفر أول مراكز بيانات لها على الإطلاق في دولة الإمارات العام الماضي. في حين دخلت أرامكو السعودية في شراكة مع جوجل كلاود لتعزيز الخدمات السحابية الإقليمية، ومن المتوقع أن تواصل الشركات الكبرى توسعها في المنطقة خلال عام 2023 مدعومةً بشراكات محلية.
وأضاف حداد: “تعتمد التحولات الرقمية بشكل رئيسي على وجود بنية تحتية سحابية قوية. وتسعى المنطقة إلى الارتقاء بمستوى البنية التحتية السحابية فيها، مما يسهم في دعم التحولات الرقمية على مستوى الدولة، وتبني حلول شبكة الجيل الخامس على نطاق واسع، إضافة إلى تلبية المتطلبات الأمنية المتزايدة”.
- سعي الحكومات لتعزيز قدراتها والاستفادة من البيانات المركزية للمواطنين
تمثل القدرة الكبيرة على جمع البيانات وإدارتها بشكل جيد في مختلف الوظائف عاملاً مهماً في الاستفادة من إمكانات تقنيات الذكاء الاصطناعي في إحداث تحول كبير، ما يشكل تحدياً خاصاً بالنسبة لمؤسسات القطاع العام. وتمتلك الحكومات إجمالاً مجموعة كبيرة من البيانات عن مواطنيها، ولكن هذه البيانات ما تزال مخزنة في معزل عن بعضها ومتفاوتة الجودة بشكل كبير في كثير من الأحيان.
وتعمل الحكومات في جميع دول مجلس التعاون الخليجي على معالجة هذه المشكلة من خلال إنشاء استراتيجيات حكومية شاملة، ومنصات وجهات تنظيمية للبيانات في جميع مفاصل القطاع العام.
وتؤكد استراتيجية التحول الرقمي الوطنية في البحرين، والتي أُطلقت العام الماضي على توحيد البيانات الوطنية لتعزيز التوقعات وصنع القرارات. وستتواصل الجهود هذا العام لتعزيز معايير إدارة البيانات الحكومية الشاملة، وبالتالي التشريعات المرتبطة بها والبنية التنظيمية وبناء القدرات.
وقال سلامات: “تعزز منصة البيانات المركزية إمكانية إجراء دراسات تحليلية مهمة. مثل قدرة السلطات التعليمية في الدولة على تتبع الأداء الأكاديمي للطلاب، ولكن عند دمج تلك القدرة مع الدراسات التحليلية التي تجريها قطاعات أخرى، مثل التمويل والعمالة، يمكن تكوين صورة عامة من شأنها أن تحدث تحولاً كبيراً في مشهد القوى العاملة في المستقبل”.
- الأهمية المتزايدة لإحكام أطر العمل الأخلاقية
تعاني الجهات التنظيمية على مستوى العالم من التحديات التي يفرضها التقدم التكنولوجي السريع. واتخذت دول مجلس التعاون الخليجي إجراءات في هذا المجال، حيث نلحظ قيام دولة الإمارات بوضع المعايير الأخلاقية في استراتيجية دولة الإمارات للذكاء الاصطناعي، ونلحظ في إمارة قطر الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، كما طرحت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) في العام الماضي المبادئ الأخلاقية المقترحة للذكاء الاصطناعي أمام الرأي العام للتشاور.
وحققت الحكومات الإقليمية تقدماً في مجال البيانات المفتوحة، وهي البيانات المتاحة للجمهور لتعزيز الشفافية والابتكار. وينبغي أن تواصل حكومات دول مجلس التعاون الخليجي في السنوات القادمة تعزيز الثقة العامة فيما يتعلق بالتكنولوجيا وأخلاقيات استخدام البيانات، مع الحرص على تحقيق التوازن الذي يفسح المجال أمام الابتكار.
وأضاف حداد: “تتمتع خدمات المواطنين الذكية واستبيانات الوظائف ومنصات البيانات الحكومية الشاملة بإمكانات هائلة، إلا أنها تزيد أيضاً من مخاطر إساءة استخدامها وفقدان ثقة المواطنين. وبالتالي يمثل وضع قوانين حازمة بشأن أخلاقيات التكنولوجيا أمراً جوهرياً بالنسبة لأي مؤسسة حديثة في القطاع العام”.
- الطموحات ومخاطر الجهات الخارجية على الأمن الإلكتروني
يمثل الأمن الإلكتروني عاملاً مهماً في كسب ثقة الجمهور. وتزداد ثقة مؤسسات دول مجلس التعاون الخليجي بقدراتها الإلكترونية، إلا أن كثيراً منها لا يدرك المخاطر التي تنطوي عليها الاستعانة بجهات خارجية على الأمن الإلكتروني، لا سيما أن معالجة حوادث الأمن الإلكتروني التي تسببها تلك الجهات هي الأكثر صعوبة والأعلى تكلفة.
ووفقاً لدراسة حديثة أجرتها شركة مارش، تعتقد 42% من الشركات الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا أنّ تعطّل الأعمال الناجم عن المزود الخارجي أو الشريك الإلكتروني هو أحد أكبر التهديدات الإلكترونية التي تواجهها. ورغم ذلك أجرت 40% فقط من الشركات التي شملها الاستطلاع في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا تقييماً للمخاطر على الجهات المزودة وسلسلة التوريد الخاصة بها.
وقال زياد نصر الله، الشريك في أوليفر وايمان، والخبير في مجال الأمن السيبراني: “يمثل إطار العمل المحكم لإدارة مخاطر الأمن الإلكتروني من جهة خارجية عاملاً رئيسياً لتخفيف حدة هذه التهديدات الجدية. وينبغي على المؤسسات وضع إطار عمل قوي لتكوين نظرة شاملة عن الجهات الخارجية من حيث أهمية الخدمات التي تقدمها ومستويات الوصول الممنوحة لها. كما يجب عليها فحص الضوابط ذات الأهمية الحساسة واللازمة لتخفيف مخاطر مقدمي الخدمات الخارجيين الذين يعملون معها ومراقبتها باستمرار”.